....حصار غزة🌻
الكاتبة_ الشاعرة أ. هنادي عفانة
🍀🍀🍀🍀🍀🍀🍀🍀🍀🍀🍀
حِـصـارُ غَـزَّةَ هاشِـمٍ
في بَساتينِ الشِّفاهِ الرَّطِبةِ و بَيَّاراتِها
يرقُدُ الثَّرى معَ شَعْبِ القَرَنْفُلِ و الكَسْتناءِ
و أصواتُ النَّحْلِ في الجِرارِ العَتِيقةِ
تُؤدِّي صلاةَ الهُبوطِ
على قُطوفِ الأحلامِ
المُطِلَّةِ على عِنَبِ الطَّائِفِ
تُزَيِّنُها فَراشاتُ المَساءِ
و تستَعِدُّ قُرَيْشٌ لِلرِّحلةِ الأخيرةِ في الصَّيفِ و الشِّتاءِ
هُنا شَعْبُ القَرَنْفُلِ ما زالَ يمتَدُّ في الأرضِ كالشَّمسِ
و في البحرِ يمتَدُّ كالرَّملِ
و على الضِّفَّةِ الأُخرى
فَراشاتُ زهرِ البُرْتُقالِ
تُراقِبُ مَنْ مزَّقوا التَّوراةَ و عذَّبوا المَسيحَ
و حاصَروا حفيدَ الهاشِمِ مُحمَّداً (ص)
حتَّى وقفَتْ على حَدِّ السُّيوفِ
الرِّيحُ و الصُّحُفُ و الأسماءُ
💢 💢 💢
هُـنـا حِـصـارُ هَـزَّاتـي
اِلتَصَقَ الجَسَدُ بالتُّرابِ
و صرخَ الجَنينُ في الأحشاءِ
على هذهِ الأرضِ يموتُ مَنْ لا يستَحِقُّ الموتَ
على يَدِ مَنْ لا يستَحِقُّ الحياةَ
فيُبكي الزَّيتونُ غارِسَهُ
و تُعلَّقُ الأرواحُ على الجُذوعِ أجراساً و قَنادِيلَ
و تُوقِدُ شُموعُ الحُبِّ كالنَّدى
تُبَلِّلُ مَساميرَ الصَّليبِ بالعَراءِ
و روحُ الفتى النَّاصِريِّ
تعبُرُ سِياجَ الموتِ
كُلَّ صباحٍ معَ العَذْراءِ
و تُنادي : يا قومُ ... !
ستموتُ البُيوتُ إذا ما غابَ سُكَّانُها
اِقرَعوا أجراسَ الكَنائِسِ
لِتسقُطَ ثِمارَ التَّائِهينَ في سلَّةِ الأوزارِ
و اهتِفوا : البَرابِرةُ الجُدُدُ يُريدونَ إخراجَنا منْ خارِطةِ الأحياءِ
حتَّى يشرَبوا نَبِيذَ الموتِ الأحمرِ منَ الدِّماءِ
و تُقامُ مَراسِمُ العَشاءِ الأخيرِ
و يسجُنونَ نَواطيرَ الحُقولِ
و يسلَخونَ جِلدَهُمْ كجِلدِ الموزِ
و يأكلونَ أحلامَنا كالذُّرةِ الصَّفراءِ
و يُخفونَ فِعلتَهُمْ في سُجونِ الصُّدورِ الصَّمَّاءِ
💢 💢 💢
هُـنـا حِـصـارُ غَـزَّاتـوا
ألقُوا الفَتى في البِئْرِ
فناداهُ يَعقوبُ : يا وَلَدي ...
على رُسْلِكَ .. فحُزنُكَ لنْ يستريحَ
وطنُ قلبِ أبيكَ نازِفٌ
ما زالَ جريحاً ...
فطيرُ الشَّوقِ لِرُؤْياكَ على الحُدودِ
يتلفَّظُ الأنفاسَ الأخيرةَ كالطَّيرِ الذَّبيحِ
اِمضَغِ الصَّبرَ يا وَلَدي
حتَّى لا تنالَ منكَ زَوابِعُ الرِّيحِ
و لا تطأْ رأسَ كِبرِيائِكَ و لا تُطِعْ أو تُطِحْ
قِلاعُ الغَدْرِ يا وَلَدي
قضمَتْ حَشائِشُها أسنانَ الغَضَبِ
و بغلُ إخوتِكَ تائِهٌ أربعينَ عامَّاً
بكُثْبانِ الرَّملِ القَبيحِ
💢 💢 💢
هُـنـا حِـصـارُ غـزَّاتي و غـازا
الإغريقيُّونَ يحمِلونَ الفُؤوسَ و المَعاوِلَ
و يَضرِبونَ بِلَّورَ ضَوءِ القمرِ
و قِطَعُ اللَّيلِ لا تتكسَّرُ
و شَعْبُ النَّخيلِ شامِخٌ معَ الثِّمارِ
و إنْ حانَ وقتُ القُطوفِ
تموتُ الأشجارُ وُقوفاً
و أرواحُ الثِّمارِ تقتَبِسُ منَ الظِّلالِ رَجاءً
فَتَحْبوا الحياةُ على رملِ الأرصِفَةِ
كعصافيرِ المساءِ ترسُمُ شامةً منَ الضَّوءِ
وتسقُطُ في بِلَّورِ نَهْدِ الشَّمسِ
و الجَنينُ يستَعِدُّ لِلخُروجِ منَ الأرحامِ
فتُولَدُ غَزَّةُ منْ جَديدٍ
💢 💢 💢
هُـنـا حِـصـارُ غـادِرز
يَقِفُ الصَّلِيبيُّونَ على التُّخومِ
يقطِفونَ الأرواحَ منْ شجرةِ الحياةِ
و تضحَكُ الأرواحُ مُبتسِمةً
مثلَ الشَّمْسِ لحظةَ الشُّروقِ
فيُهلَكُ فِرْعَوْنُ و تبقى الأهرامُ و الأسرارُ
و يُهزَمُ الرُّومُ و التَّتارُ
و تبقى جِرارُ النَّبيذِ الحَجَريَّةِ
على الجِبالِ و قِصَصِ الغَرامِ
و يُهلَكُ شَمْشونُ الجَبَّارُ
و تبقى غَزَّةُ قابِعةً تحتَ أنفاسِ حَرِّ الحِصارِ
و عُيونُ التَّاريخِ لا تَغْفَلُ أو تنامُ
غَزَّةُ تُنجِبُ دُموعاً منَ الأطفالِ
صُدرُوها منَ الدُّروعِ
و نِعالِهِمْ منَ الألغامِ
و مشاعرِهُمْ منَ الفَخَّارِ
مزَّقَتْها جُيوشُ الأرضِ
و فتَّشوا صُدورَهُمْ
و لمْ يَجِدوا إلَّا خَلطةَ الانفِجارِ
فيها مَزيجٌ منْ دِيناميتِ الحُزنِ
و الوَجَعِ و الصَّوتِ المبحوحِ
و تتبيلةِ الانتِقامِ
كُتِبَ على جُدرانِ قُلوبِهِمْ : البُيوتُ باقِيةٌ
و الخِيامُ و شجرةُ التُّوتِ باقيةٌ
و قفيرُ النَّحلِ باقٍ
و رائِحةُ الخُبزِ بتَوابلِ الحَياةِ
كُلَّ يومٍ ترسُمُ بريشةِ الرَّسَّامِ
و اللَّونُ الأحمرُ لمْ يكذِبْها هذهِ المرَّةَ
فهيَ لُغَتُنا ...
و قافِيَتُنا فُصحى الكلامِ
و توقيعُ الرَّسَّامِ كانَ دوماً :
مَوائِدُ الحِصارِ لنْ تُجنِيَ إلَّا الموتَ و لنْ تُجنِيَ أبداً السَّلامَ
✍️ Hanadi Afafana ✍️ هَـنــادي عفانة
تعليقات
إرسال تعليق