د/صبري غانم.. يكتب... الرسالة.

 الرسالة


آسف يا ابنتي فأنا لا أجيد استخدام الوسائل الحديثة لأكتب لك عبرها 

أنا أجيد إمساك القلم و الكتابة على الصفحات البيضاء 

لذا كتبت لك خطابا 

أنت لا تعرفين من أنا  لكني أعرفك جيدا 

أنا ذلك الرجل الطاعن في السن في دار المسنين المقابلة لمنزلك 

أنا الرجل الذي كنت يوما ما ملء السمع و البصر و لدي أسرة بها ثلاثة أبناء تعلموا في أفضل الجامعات و حصلوا على أفضل الوظائف 

و أتوا بي إلى دار المسنين ؛ ليتفرغوا لتحقيق مزيدا من النجاح و المال و راحة البال

آسف يا ابنتي أطلت عليك 

لكن من أنت ؟

أنت طاقة النور التي كنت أرى من خلالها 

أشاهدك منذ كنت طفلة صغيرة تصحبك أمك إلى المدرسة و قد جعلت شعرك ضفيرة  طويلة 

حتى كبرت و تذهبين إلى الجامعة بمفردك 

أشاهدك و أنت تجلسين في الشرفة التي أمامي تذاكرين دروسك 

نعم كنت عندما أشاهدك ترجع لي الرغبة في الحياة مرة أخرى 

يرجع بي الزمان هل لو كنت رزقت بفتاة ؛  لن تتركني هنا وحيدا أعاني الغربة و الوحدة؟

كنت أفرح عندما تبلغني الطبيبة أن المولود ذكر و أجزل لها العطاء 

تلومني زوجتي كل مرة ؛ "لكم تمنت أن ترزق ببنت "؛ تقول : لم ينجب من لم يرزق بفتاة

أرد عليها بسعادة: هم البنات للمات 

تضحك و تقول : سوف يأتي يوما تتمنى ظفر فتاة

و ها قد أتى اليوم يا ابنتي و أنا أراك 

عندما تقرئين هذه الرسالة يا ابنتي أكون في العالم الأخر 

و قد أوكلت المحامي أن يكتب لك ثروتي بحق البيع 

و سوف تصلك حجة الملكية  

و هذا أقل شيء أقدمه لك مقابل ما منحتيه لي من سعادة. 

د/ صبري غانم



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشاعر.. محمد دومو.. يكتب... لن يراها قلبي.

....لحظة استيعاب🌻