.....حسرة🌻


 

الكاتبة_ جكيرف سعاد_ تكتب

🍀🍀🍀🍀🍀🍀🍀🍀🍀

حسرة

خطّت تجاعيد الزمان بصماتها على وجه حزين،،وعيون باكية جفت دموعها وتحجرت تحجر قلوب أبناء  كانوا بالأمس يتسابقون للاختباء في حضنه الدافئ،،مستمتعين  بحكاياته المشوقة عن السندباد،،فأصبحوا اليوم مجرد ذكرى جميلة من الماضي البعيد.

هناك يجلس على كرسي خشبي مهترئ،،تحت نخلة،،انسابت قطرات ندى بين سعفها لتقع على وجنتيه؛ كأنها تبكي وحدته ،،يتأمل ذلك الباب ،،آملا  دخول أحد أولاده،،علّه ينسى في حضنه ما تجرع من ضنى وعزلة في دار يسمونها بدار العجزة الملكيّة!!

"أي ملِك هذا"؟!دون رعية يهتم بها وتهتم لأمره؛ يتمتم ..

لست بعجوز ؛ فقلبي لا يزال شابا ،يحب الحياة ويراها بعيون أبنائه؛ "بل عجوز منبوذ،"؛استدرك لا ولد لي ولا سند..

يتذكر ذلك اليوم الذي عاد فيه إلى البيت منهكا،، في يوم عاصف،،غضبت فيه السماء فأمطرت ودْقا،،وأرعدت رعدا مهيبا،حينما  قابلته زوجته وجِلة لسوء حالة التوأمين الصغيرين،،هرع إليهما كالمجنون،فوجدهما يهذيان هذيان  المحموم ،،لفهما  في غطاء بالٍ من الصوف،، وهرول بهما رغم التعب و قلّة اليد إلى المستشفى..

قبل العلاج  طالبوه  بثمن الفحص،،أجابهم  أنه سيتصرف بعد ان يطمئن على ولديه ،أصروا،، توسّل إليهم دون جدوى،،

صرخ بأعلى صوته،،رحماك يا رب السماء،،ألا رحمت عبدا ترجّاك،،ألا استجبت عبدا  ضعيفا دعاك،،بكى وبكى  معه كل من كان حاضرا،،،وهو في قمة انهياره إذ بيد أحدهم تربِّت على كتفه وتهدِّئ من روعه :سنعالجهما وبإذن الله سيشفيان،،كان رئيس المستشفى،،الذي أشرف بنفسه على معاينتهما وتقديم الدواء المناسب لهما من صيدلية المستشفى  وهو نفسه من درسّهما في كلية الطب التي انتسبا إليها لاحقا،،،

يتذكر كيف كان يعمل ليلا و نهارا  دون هوادة، من أجل توفير أقساط الجامعة،،لهما ولأختهما  المهندسة حنان

 "ملاكي الحارس" كنت أناديها،،لأنها ومن وقت وفاة زوجتي رحمها الله،،، ماكانت لتنام قبل أن تطبع على جبيني قبلة حب،وتطمئن على حالي،،،افتقدتها افتقادها وأخويْها لانسانيتهم،،، بعدما كبروا ونجحوا وتميزوا واشتهروا كل في اختصاصه...

ألهذه الدرجة هنت على من كانوا لي الهواء النقي الذي يملأ رئتي فرحا وحبورا؟! اعتبرتهم كل شيء في حياتي،،وكنت لهم اللاشيء،،كانوا الرقم واحد ووجدتني للاسف في ذيل الترتيب بعد كبر سني ووهن عظمي،،

لست لسُّنة الحياة برافضٍ،لكنها مؤلمة لمجرّد التفكير،،،أن تجد نفسك منسيا ،مرميا في دار للمسنين، بعد أن أفنيت شبابك من أجل تربية وتعليم أبنائك،،الذين آثروا العيش بعيدا عن  العش القديم،،لأنه أصبح لا يليق بالطبيب والمهندس،،

كذلك أنا،،أصبحت من الماضي الذي يتحاشون الحديث عنه...

لم يبق سوانا ، أنا وأنت يا عكازي، باقٍ على العهد رغم عجزي، أنا رفيقك وأنت السند والأنس.

تمت.

                                           

                                           بقلم:جكيرف سعاد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشاعر.. محمد دومو.. يكتب... لن يراها قلبي.

....لحظة استيعاب🌻