الشاعرة.. سعيدة الريفي.. تكتب.. حلم مسروق.

 حلم مسروق

رائحة حريق القش المنبعثة من الحقل خارج غرفتي تزكم أنفي 

تحثني على الاستيقاظ كالعادة أبدأ يومي بابتسامة ..مع أنه بالأمس وعلى تلك الوسادة سكبت وجعي.....

عالم الناس غريب ..كل ما يهمهم هو تلك الابتسامة ..أما الدموع المحصورة خلف حاجز الكبرياء فلا يراها ولا يهتم لها أحد..

ظلمة تسكنني ..باب قصديري يفتح أحضانه لطارق يقطع الصمت ، لا أحد غير الريح تراقص أغصان شجرة الزيتون  تارة وتطرق الباب تارة أخرى .

         عينا أبي الحادتان تتابعان خطواتي المتعثرة ..القلق يؤجج النار في داخلي مترقبا نتيجة اختباري الذي اجتزته منذ أيام على أمل أن أنجح و أشق طريق مستقبلي ..لكي أثبت لأبي أن ابن الفلاح بقدرته وجهده يستطيع أن يكون محاميا او مهندسا أو طبيبا ..لم لا ؟؟ 

       بالنسبة لأبي الرجل هو من يعمل بساعديه ويعود آخر النهار بالمال .. العلم والكتب والأقلام لا تجني المال بل ربما تتسبب في سجنك.  ..وهو يرى ويردد أنني أصبحت عبئا وأنني يجب أن أغادر البيت إن لم أعمل وأملأ جيبه بالمال .

       ليته يعلم مدى انكساري وحزني ووحدتي ..ليته يعرف حجم وجعي وهمي الذي أداريه بالصمت ..ليته يعرف انني لست ضعيفا ولا فاشلا وإنما أنا وحيد في بيتي وعالمي ووطني وناسه الذين يحابون ويعظمون أبناء أعيان البلد أولي الأيدي الناعمة التي لم تتعفر بتراب الحقل وإنما تنعمت بخيرات البلد .....

رن جوالي وعلى الطرف الآخر كان صديقا لي يخبرني أن الرقم الذي يحمل اسمي والذي اجتزت به الامتحان في لائحة الناجحين ،ولكن ليس باسمي أنا بل باسم ابن أحد أعيان البلد  الذي لم يحضر الامتحان أصلا .

 كانت صفعة موجعة تجمدت مكاني إرتجف پؤبؤ عيني في محاولة مني أن أمسك دموعي  أأرسب أنا وينجح هو ؟

ربما كان أبي على حق ..في وطني ابن الفلاح عليه أن يبقي أظافره مغروسة في تراب الحقول لا أن يعتلي مركزا .

ثار الدم في عروقي وخرج الوحش القابع في أعماقي ..أمرني أن ألف حبل انكساري وغضبي وألمي حول عنقي ..وأغادر ..

في تلك الليلة المقمرة  احتضنت الزيتونة  ..وعلى الغصن الأخضر كانت آخر أنفاسي .

سعيدة الريفي



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشاعر.. محمد دومو.. يكتب... لن يراها قلبي.

....لحظة استيعاب🌻