الكاتب... عبده داود.. يكتب... أحلام أنثى.
أحلام أنثى
الجزء الثالث عشر...
ارتباط الحب،
قالت سحر : عندما شاهدت لويس واقفا أمامي، في مدخل الطائرة خفق قلبي بشدة.قلت: متلعثمة أهلا وسهلاً أستاذ لويس...
قال: كنت أتساءل هل سيكون حظي جميلاً هذه المرة. وأجدك كما وجدتك في إحدى سفراتي الماضية...
قلت: جميع المضيفات (خير وبركة يا أستاذ).
قال: أكيد، لكن ليس جميعهن ملكات جمال، ضحكنا، ودخل هو للداخل... بعد أن استقرت الطائرة في مسارها، استأذنت صديقتي التي كان دورها في التوزيع، وأخذت منها عربة الضيافة، وبدأت بتوزيع الضيافات المعتادة، وكنت أستعجل حتى أصل إليه... كنت أبتسم خفية وأنا أعيد كلماته: هل سيكون حظي جميلًا هذه المرة...
سألته: ماذا تحب أن نضيفك أستاذ؟
سألني: متى ستعود رحلتكم إلى سورية...
قلت: غداً في التاسعة صباحاً.
قال: مدير المعمل وزوجته يسألانني عنك دائماً... وأنا لا أعرف بماذا أجيب، أنا مدعو على العشاء عندهم هذا المساء ما رأيك ترافقينني؟
اعتذرت عن قبول الدعوة، وقلت ربما في يوم آخر؟
وصلنا الفندق، أخذت قسطاً من الراحة لبست ثياباً بسيطة تلك التي يسمونها (جينز) ونزلت إلى المقهى حتى ألتقي بزميلاتي وأدردش معهن...
كان لويس هناك وحيداً... دعاني لأشاركه طاولته...
قال: أنا اعتذرت عن عشاء العمل الليلة حتى أبقى معك...
رأيت في نظراته حبا مجبولا بالحنان والحب وكل العواطف التي تجذب عاشقًا نحو عشيقته...
سألته كم يوما ستبقى في بكين. قال أربعة أيام...
استأذنت منه وعدت إلى زميلاتي، خشيت تخمينات لا أريدها.
في صباح اليوم التالي غادرت طائرتي إلى دمشق، وأنا بقيت في بكين بحجة توعك صحي، لقد نويت حاسمة أن أضع النقاط في مكانها الصحيح ...حتى تستقيم المعاني مع لويس.
التقينا سألته عن أولاده، سألته عن حياته،... وعن عمله، بأسلوب غير مباشر، وكان هو يجيب على أسئلتي وهو مسرور لاهتمامي...
أخيرا، تجرأت وسألته السؤال الصعب: ألا تعتقد بأنه الأفضل لك أن تتزوج من أجل أولادك؟
ترغرغت الدموع في عينيه: وقال لا توجد امرأة في العالم يمكن أن تحل مكان المرحومة ...جورجيت كانت وستبقى المرأة الساكنة في قلبي وروحي إلى الأبد... ثم تابع يقول يبدو لي بأنك أطيب مما كنت أظن، هل هناك امرأة في الدنيا ترضى أن تكون أماً لأربعة أولاد، يتامى الأم وتصبح هي أما لهم
قلت: إذا كانت المرأة تحبك، ستناضل معك، وتكون أماً لأولادك، لأن أولادك هم أنت...
وعندما تتزوج بمن تحب تصبحان أنت وزوجتك واحداً لم تعودا اثنين بعد، صرتما قلباً ينبض بدم واحد...
قال: ما أروع كلامك يا سحر، كلامك ساحر مثل جمالك النادر. لكن أين أجد المرأة الفدائية المغوارة التي ترضى بأن تدخل في معركة خاسرة بكل المقاييس؟
تجرأت وقلت: ابحث عنها بعيون قلبك، لا بعيون حواسك، ابحث عنها بروحك، وعندما تلقاها، إياك أن تعتقها، لأنها هي التي ستدفئك أيام البرد، وتحميك من قيظ الصيف...
لاحظت سحر، بأن دموع لويس، تسيل على خديه كلما جاء ذكر زوجته السابقة...
قلت بسري، هذا عادي، ألم تكن هي زوجته وحبيبته وأم أولاده، ألم تكن هي سيدة بيته، وملكة حياته...
شرد لويس طويلاً، ثم تنهد ورشف من قهوته الباردة بصمت...
قال: يا سحر أرجوكِ لا تدخليني في متاهات لا يمكنني أن أجد مخارجها، من يدخل تلك المتاهة يتوه فيها، ولن يعرف كيف يخرج منها...
قلت: من يدخل فيها لا يجد مخرجاً منها...هذا هو الزواج المسيحي، ارتباط لا مجال لحله ابداً، متاهة ليس لها باب نفاذ خارج جدرانها، هذا هو سر الزواج الذي يربطه الله، لا توجد قوة تحله غير الموت.
نحن نقدس الحب والزواج والعائلة ولا مجال عندنا لموضوع المساكنة، ذاك المرض المتفشي في مجتمعات عديدة...
قال لويس: سأسألك وأرجوك أن تسامحيني على جرأتي، وسأعود إلى رأيك في الزواج، والحب، والتوحد بين الرجل والمرأة.
أسألك: فيما لو جاءك عريس مثلي، أرمل عنده أربعة اولاد، أتقبلين به زوجا؟
نظرت إلى لويس، نظرة حب متجذر بداخلي، وحاورت نفسي وقلت لقد حانت فرصتك يا سحر، وصارت الكرة في ملعبك، ألقي بها...
وأجبت : إذا كان العريس مثلك، طبعا أقبل، أنت إنسان رائع يا لويس... وجميع الصبايا تتمناك.
مسك يدي وقبلها... وأنا تركتها له لتنام بين يديه، بذلك أعلنت الإستسلام والقبول.
قال: تعالي نحتفل، نسهر في شوارع بكين، نرقص ونغني كالأطفال، نذهب إلى مدينة الملاهي، نركب في عربات الصغار، ونحلق في الناعورة العالية، نصرخ ونقول لقد انتصر الحب... تعالي نذهب إلى الكنيسة نصلي ونشكر الله، تعالي ونناديه ونقول نرجوك بارك حبنا أنا وسحر...كما باركت حبنا أنا وجورجيت...
نعم يا رب، لقد وجدت المستحيل، وجدت حبيبة، وجدت سحر...
الكاتب: عبده داود
إلى اللقاء في حلقة 14
من يود قراءة الحلقات السابقة يجدها في:
(مجموعة أحلام أنثى)
تعليقات
إرسال تعليق