الكاتب.. عبدالستار عمورة.. يكتب... أرواح مقهورة.

 قصة قصيرة

أرواح مقهورة

تَسربل وِشاح المُزاحِ هذه المرّة،وراح يغدقها بما يؤلم سويداء قلبها؛ربّما جعل من حديثه هذا سمرا ودُعابة ليقضي ليلة عابرة كمثيلتها.

-لقد أنقذك الفارس الأبيض من العنوسة،فلولا ارتباطي بك لأصبحت بائرة،متروكة،لا يهتمّ بك أحد..حتّى أهلك لن يرحموك وتكوني بالنّسبة لهم محطّة سخرية..!

كان يطلق سهامه المسمومة من كنانته المماذقة وهي صامتة،تنظر إليه بعينين ذابلتين وفؤاد مكلوم.

تراءى لها أنّه لم يخلص في مودّته وبات مراوغا مخادعا،متلوّنا حدّ التّجشّؤ،والغثيان.

ومض البرق ومضا مخيفا،أتبعه قصف هائل للرّعد،انقطعت الكهرباء فجأة،لم تبق إلّا ألسنة نار المدفأة تتراقص وتتمايل مع دويّ الأمطار المباغتة في هذه الّليلة الّليلاء.

مشت صوب قاعة الأكل،أحضرت شمعة مزخرفة بأشرطة ذهبيّة وفضّيّة تبقّت من حفل عيد زواجهما،أعطتها الفرصة هذه المرّة لتشاركها خيباتها و تجبر خاطرها.

جلست قبالته على كنبة،وراحت تتفرّس في سحنته:

-لقد أصبح الأمر متكرّرا في الكثير من العلاقات:يستهزئ بكلامي ويسفّه أفكاري،والخطوات الّتي أقدم عليها،يضحك ببلاهة ويقول:"هذه دعابة!لم لا تضحكين على فُكاهتي!يالك من سخيفة..!؟"،ثمّ يتبع كلامه بضربة قويّة على كتفي براحته الخشنة.

طفقت الهواجس تغازل مخيّلتها لفعل شيء مع صمتها المتكرّر،ضباب الصّباح اكتسح البطاح،لثم عتبة بيتها،نثرت الياسمينة بتلّاتها عند قدميها،احتضنتها ذكريات الماضي القريب مع عبق أزهار الّليمونة،ورقرقة مياه السّاقية،وبسمة القلوب الطيّبة؛عصفور أبو الحنّ يخضّب راحتها و يلتقط منها البذور دون تهكّم هذه المرّة.

الأديب عبد الستار عمورة.

21يونيو2023.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشاعر.. محمد دومو.. يكتب... لن يراها قلبي.

....لحظة استيعاب🌻