الكاتب.. عبده داود.. يكتب..أحلام أنثى. .

 لقد أرسلت

أحلام أنثى

الحلقة 26

العودة إلى سورية

تابعت سحر تقول: مضي سنة ونصف وأنا أعمل على الخطوط الفرنسية، كانت أم سيمون تدعوني لزيارتهم وخاصة عندما يصادف وجود سيمون في باريس، غالباً أنا أعتذر، أريد سيمون وأم سيمون أن يبطلا فكرة الخطوبة من فكرهما، لأنني أنا غير مقتنعة في مسألة الزواج... ولم أكن أفكر بالارتباط مع أي إنسان كان من كان...

كنت مسرورة في عملي ومسرورة أنني أرسل إلى أهلي جزءا من راتبي ...وهذا أقل ما يمكنني أن أفعله...

اليوم في مطار دبي، كنت جالسة أنا وزميلاتي الفرنسيات في مقهى المطار نحتسي القهوة بانتظار أن يحين موعد الإقلاع للعودة إلى باريس، فجأة شاهدت دلع المضيفة التي كانت زميلتي على الطائرة السورية، متأبطة بذراع معاون الكابتن سليم، وبعد قبلات حارة، قالت لي أعرفك على زوجي... يبدو الله استجاب لي في النهاية وصار حبيبي من نصيبي...

استأذنت من رفيقاتي وجلست مع دلع وزوجها نتحادث ونستعيد ذكريات الماضي... ورحلاتنا على متن الطائرة السورية...وسألوني عن أحوالي وعملي. وسألت عن صديقاتي اللواتي كن في السوق.

قالت دلع :رب ضارة نافعة. طائرتنا عندها تأخير ثلاث ساعات

وحظنا نجتمع معك.

وصل الكابتن سليم وبادر بالكلام، يا مرحبا، يا مرحبا، بنت بلدنا عندنا...

لا أخفاكم سعدت برؤية سليم، وخفق قلبي، عندما صافحني شعرت بقوة وحنان يده ، قال يبدو لي تعملين على الخطوط الفرنسية، ما أجملها من فرصة أن نلقاك بعد سنتين، كنت مختفية عنا...

أحسست ببعض الخجل، لكن شعرت نحوه شعورا مختلفا لم أشعر به سابقا، شعرت بأن الكابتن سليم رجل يعتمد عليه بالفعل...

قال لي: الشركة السورية تطلب مضيفات جويات، يا ليت تعودين للعمل معنا ونعود كما كنا... وأضاف لكن للأسف رواتبنا شحيحة، ضئيلة. مقارنة مع رواتب الشركات الأجنبية...

وحدثوني عن الغلاء الجاري في الشارع السوري...وقالوا

طبعا فكرة العودة إلى سورية، في الوقت الحالي، غير مقبولة البتة، طالما سورية تحت ضغوط وحصار اقتصادي دولي، كاد الجوع يطال الجميع...الاستعمار يطلب منا أن نركع ونستسلم...سورية ترفض الاستسلام ، وترفض الركوع،

والتطبيع، والشعب السوري يتحمل الجوع ولا يقبل الخنوع...

ومن واجب الدول العربية، والدول الصديقة، أن تمد يد العون إلى هذا الشعب المسكين المسالم...عليها أن تحارب هذا الحصار البغيض... أن تقف معنا ضد دول المستعمرين الذين ينهبون بلادنا...لأنه بات مستحيلا على سورية أن تجابه وحدها كل هذه القوى المعادية...

صحيح سورية عزيزة النفس لا تستجدي. لكن حتى المساعدات التي تأتينا من دول صديقة ممنوع وصولها إلينا بسبب ما يسمى قانون قيصر... وأخذت الأسعار تركض، وتتصاعد دون هوادة...

قالت دلع: هذا الصباح قبل حضورنا إلى دبي اشتريت بيض فوجئت بأن سعر البيضة الواحدة 1200 ليرة سورية ألف ومائتي ليرة سورية سعر البيضة الواحدة بعدما كانت البيضة بأقل من ربع ليرة سورية. والأغلب عندما نرجع هذا المساء إلى سورية تكون الأسعار قد ارتفعت من جديد... كيلو اللحم العجل اليوم بحدود مئة ألف وهذا يعادل راتب الموظف كل الشهر . ماذا يأكل الموظف وكيف يصرف على عائلة وكيف يركب مواصلات، وكيف يشتري دواء وكسوة وأحذية وغيره وغيره، وإذا كان مستأجر منزلا كيف سيدفع إيجار المنزل. هذا هو المستحيل... هذه هي المعادلة التي لا حل لها...

الراتب كان في الزمن الجميل كافيا، لكنهم وضعوه في ثلاجة، وجمدوه حتى الموت...

ومقارنة مع دخل الموظف في العالم الغربي أو الأمريكي، أجور يوم عمل واحد لأبسط عمل، يعادل راتب سنة كاملة في سورية وذلك بسبب قانون قيصر ساري المفعول على الشعب السوري...

نداء، نداء طلبوا من المضيفات على الطائرة الفرنسية الصعود إلى الطائرة، لا أدري لماذا جاءني البكاء لأنني أحسست بمرارة العيش في سورية...وحننت إلى أهلى وإلى سورية... رغم الصعاب التي تمر فيها بلدي.

أيضا شعرت بأن سليم بدأ يشغل فكري، وأحسست كم هو رائع هذا الرجل، وكم كنت أنا حمقاء عندما هربت منه بعدما كان يتمنى أن أكون رفيقة دربه...حينها قلت أنا لم أحبه، لكن اليوم شعرت نحوه شعورا مختلفا ربما بعد أن تعرفت على سيمون وأخذت أقارن بينهما... ورجحت كفة سليم بامتياز، لكن ماذا عن سليم هل لا يزال يرغب بي ويريدني، بعدما هربت منه، لا أدري...بكل الأحوال أنا رافضة الارتباط في الوقت الحالي...

هاتفتني أختي بأن والدي مريض وقد أدخلوه المستشفى لإجراء فحوصات وتحاليل لمعرفة أسباب الوجع في البطن.

لم أعد أحتمل. الصبر دون زيارة أهلي والاطمئنان على صحة والدي.

ركبت أول طائرة إلى بيروت ومن المطار في سيارة خاصة إلى دمشق، أو بالأحرى إلى المستشفى مباشرة...كانت أختي وأمي عند أبي...

لا أعرف تفسيرا لتلك الدموع وأنا أقبل يد أبى رغم أنهم قالوا بأنهم سيخرجونه غدا من المستشفى...

الحلقات السابقة موجودة في (مجموعة أحلام أنثى)

الكاتب: عبده داود

إلى اللقاء في الحلقة 27



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشاعر.. محمد دومو.. يكتب... لن يراها قلبي.

....لحظة استيعاب🌻