الأستاذ... خالد محمد إبراهيم..يكتب...حوار مع البستان .
(( حوار مع البستان ))
وكـأنَّ بســـتانــي حـزيـنٌ مُـكْتئـبْ
وبدا علـى أفنانــهِ الخضـرِ التعبْ
فســـألتهُ الأســبابَ عن هذا الــذي
جعلَ النضارةَ تختفي خلفَ الحُجُبْ
أردفتُ في قـــــولي بأنّــي مُغـدِقٌ
فيـكَ الميـــاهَ ومُطفِئٌ عنكَ اللهبْ
أتفَـقَّـدُ الأشــــجارَ فيـــكَ كأننــــي
أمٌّ علــــى أبنائــــها عنـدَ الطلــــبْ
فأجـــابني بفصـــــاحةٍ يَعيـا بهـــا
ذاك الذي جهــلَ الزراعةَ من كثبْ:
ما كنتُ أســــألُكَ الرعايةَ والعطـــا
لكنْ لصــوصٌ أدمنوا جَنْيَ الرُطَـبْ
هم يرقبونك حين تغــربُ من هُنـا
مثل الثعـالبِ ينهشــــونَ بـلا تعـبْ
أو مثـل دبّـــورٍ يَـحوم ويـنتـقــــي
حلــــوَ المـذاقِ بين عنقـــودِ العنبْ
عبثـوا بأفنانـي بكـــلِّ شـــراهــــةٍ
بئـــسَ الـــذي ربَّــی بنيـهِ بلا أدبْ
وأضــافَ بســـتاني يقـولُ بحــدَّةٍ
يبدو بأنَّــــهُ قد تآسـى واضطـربْ:
لا تبتعـدْ عــن ناظـــريَّ فإننــــــي
اســــتاءُ حين تمــرُّني تلك الرِيَبْ
فالحـــقُّ أنّي حين أســـمعُ همسـةً
منهـــا أميّـــزُ أنتَ أم لـــصٌّ هـربْ
قدمـــاكَ تعـــزفُ في ظلالي نغمةً
فأكـــادُ أرقــصُ من ترانيم الطربْ
أمَّـــا إذا مــــرَّ الغريبُ لِلَــحظَـــــةٍ
فتراني أُصْــــفِرُ بازدراءٍ أوغضـبْ
لـــمْ يدرِ بســــتاني بأنّي مُـكْــــرَهٌ
في النأيِ عن هذا المكانِ المُضطربْ
لا تبتئـــسْ إنَّ الظـــــلامَ مُغــــادِرٌ
وستبقى في قلبي الصديقَ المُنتَجَبْ
أما اللصــوصُ فقد تنامــی شـأنهمْ
وغدوا يجيدونَ المهارةَ في الكذبْ
لــــصُّ الثمــــارِ لا يُؤَاخَــــذُ إنـَّــــهُ
لــــصٌّ حقيرٌ في ميادينِ العــــربْ
هو فاغـــرٌ فاهُ الصـــغيرَ لحاجــــةٍ
فدعِ الصـــغارَ فإنَّهـم في مُنتحَبْ
الشاعر: خالد محمد إبراهيم/سوريا
منبج / التوخار
تعليقات
إرسال تعليق