الاستاذ.. عبده داود.. يكتب.. قصة بعنوان.. راقصة الفلامينكو.. الجزء السابع والأخير. ..
راقصة الفلامينكو
الجزء 7 والأخير
عندما رجعت ديانا وماريا من سوريا إلى فرنسا، صعدت ديانا إلى المسرح لترقص، أحست بالتعب، وعدم قدرتها على المتابعة...
قال لها الطبيب، إما أن تمتنعي عن الجهد طيلة فترة حملك، أو يمكنك الإجهاض وتعودين إلى حياتك كالمعتاد...
قالت الإجهاض مرفوض، أولاً هذا الجنين هو ثمرة حب قد لا تتكرر في حياتي. وثانياً الإجهاض لن أقبله قطعياً، لأنه جريمة قتل بكل المعاني وخالياً من القيم الأخلاقية والإنسانية والدينية...
قالت ماريا: وإين هو هذا الحب الذي تتكلمين عنه، أين هو أبو الولد؟ أليس الإجهاض خير من أن يعيش الولد يتم الأب؟
قالت ديانا... لا بد ستساعدني العذراء وسوف أجد أبوه لا محال...
واضافت ديانا: أنا اليوم رفضت عقد مع بريطانيا ولن أقبل عروضا أخرى في وضعي الحالي... ارجوك ماريا اعطي الفرقة مستحقاتهم واصرفيهم إلى أجل غير معلوم، أنت ستبقين في مكتب سلمنكا، وأنا سأذهب إلى إشبيلية عند أهلي لن أجد مكانا أكثر راحة وأمانا من بيت أمي وأبي...
رن جرس الهاتف في محل مالك، وتفاجأ بأن مسعد على الخط قال له: أنا في مطار دمشق تعال أقلني للبيت...
قبلات محبة صادقة بين الصديقين قال مسعد: دعنا نحتسي القهوة عند أهلي أولاً...
قال مسعد: لم يكن عندي عنوان سكن، وكنت خجلاً أن تعرفوا أنني أقطن في المكتب، لذلك اكتفيت بالبطاقات البريدية...
رويت لهم قصة مكتب قطع تذاكر الطيران، وقلت لقد نجح المكتب وأخذ يتنامى يوماً بعد يوم...
قررت أن أوفر كل أرباح المكتب لأدفعها إلى وليم شريكي حتى أصبح شريك النصف وليس الربع فقط.
لذلك لم أرغب السكن في غرفة ما حتى اوفر اجرتها، وفضلت النوم على كنبة في المكتب وجعلت المكتب دار سكني ليلا، وعملي نهاراً...
واكتفيت بإرسال بطاقات معايدة دون عنوان حتى لا أحد يعرف عنواني ويشمت بي، ويقولون باع منزله الجميل في دمشق، ليسكن على كنبة في مدريد... لكن كان لا بد من التضحيات
كبر حجم العمل بسبب سياسة اتبعتها بصدق وأمانة... وكان شعاري في العمل (الزبون دائماً على حق)، (الزبون ملك) وتزايد زبائني بسبب سياستي هذه، وتوسع العمل، وأضحيت بحاجة إلى معاونة تساعدني في شؤون المكتب.
روفائيل صديقي قال: ابنتي خريجة أدب اسباني وهي تجيد الإنكليزية، وأعمال الحاسوب. يمكنك أن توظفها في العمل فترة تجربة......
الصبية اسمها تيودورا شابة ذات جمال مقبول، لكنها شعلة ذكاء، وفطنة، والتزام بالدوام.
بالفعل الصبية أعجبتني وبعد مضي ثلاثة أشهر، ضاعفت لها راتبها وسجلتها في التأمينات الاجتماعية الإسبانية...
تغيرت سياسة روفائيل معي، صارت أكثر حميمية وصار يدعوني لزيارة العائلة بإلحاح. وكنت أذهب مع تيودورا في سيارتها، وأعود بالمترو...
بيت روفائيل في منطقة جميلة في مدريد طابق واحد مصمم ليكون فيلا تحيط بها حديقة، وداخل البيت مفروشات ولوحات تدل على عراقة الأسرة.
كانت الأسرة تحتفل بي بشكل يلفت نظري، وخاصة تيودورا التي يسمونها أهلها اختصارا تيو...
يبدو إنها اغرمت بي وتغيرت سياستها بعد أن رفعتها في الوظيفة وصارت نظراتها لي مختلفة، وأخذت تتزين كثيراً، وتلبس ملابس ملفته... وكأنها اعتبرت ترفيعها في الوظيفة هو حباً فيها، أكثر منه اعجابا بها.
روفائيل صديقي صار يسعى لأن يزوجني ابنته. كانت تلميحاته أكثر من واضحة، لكن أنا لست هنا على الإطلاق صار هاجسي أن أجمع المال وأسدده إلى شريكي، حتى ارفع رأس مالي في الشركة إلى النصف حسب العقد بيني وبين وليم شريكي... الذي ينص أن تكون حصته 51%، وانا 49% حتى يبقى هو الملك...
كنت أبخل على ذاتي بفنجان قهوة، أو حتى قدح شاي، حتى أوفر ثمنهما...
الحب لم يعد يهمني، بعد قصة حبي الفاشلة مع ديانا، الحب أضحى لي مجرد وهم لا يعنيني، لا من قريب ولا من بعيد، رغم كلام روفائيل الذي يشجعني بكل الطرق على الزواج والسكن عندهم في داره الواسعة والجميلة وشجعني إذ قال
سيبني الطابق الثاني في الفيلا لتسكن فيها تيودورا بعد أن أخذ اخوتها حصصهم وصار السطح إلى تيو...
واخيرا سددت المبلغ المتفق عليه. وأصبحت شريك النصف...
بعدها قررت أن أرسم طريقي من جديد حتى أكون أنا الملك في مكتبي، ولا اريد شريكا معي، أفتح له دفاتري كلما طلبها مني...
وقررت العودة إلى سورية ازوركم، وأفكر بهدوء وروية، وأحسب مقدراتي قبل أن أبدأ خطوتي الأولى في مشواري الجديد، وليكن ألف ميل...
وكنت أفكر لو كانت ديانا معي لكنا رسمنا خارطة الطريق سوية. وضبت أموري في مدريد، وطلبت من تيودورا أن توصلني إلى المطار...
بكت وذرفت الدموع وكانت تقبلني وتقول لا تتأخر في غيابك عني حبيبي...
كانت الكلمات الاخيرة سببا حتى أفكر ان انهي لها عقدها في العمل بعد عودتي...أنا لا أريد أن أجعل فتاة تحلم بي عريسا، وانا قلبي مجروح جراحه لا تزال نازفة...
بعدما أنهيت حديثي، ساد صمت، ثم فاجأني مالك بقصة زيارة ديانا وماريا إلى سورية. قصة لفت بعقلي، وخطفت روحي، لم أصدقها بداية، وأخبرني بأنه قد اتفق مع ماريا على الخطوبة وقال لي بأن أبني صار عمره ثلاث سنوات. وديانا اعتزلت الرقص، وتفرغت لتربية ابنكما وهي اليوم في الأندلس في إشبيلية عند أهلها...
عدت أنا ومالك إلى اسبانيا، وأخذنا ماريا من سلمنكا وذهبنا إلى إشبيلية...
كانت ديانا في مدرسة الحضانة تحضر سادو هكذا سمت ابننا...
على القارئ أن يتخيل الفرحة التي حصلت في إشبيلية بين العشاق...
تم عقد قران مالك وماريا بقصر الحمراء، وتكلل مسعد وديانا في الكاتدرائية الكبيرة...
قرر مسعد أن يبيع حصته في المكتب، واتفق الجميع على فتح روضة أطفال نموذجية، يعمل فيها الجميع يسمونها روضة سادو وسيكون سادو أول طفل فيها...
كتب القصة عبده داود
إلى اللقاء بقصص جديدة،
تعليقات
إرسال تعليق